من مشاهير علماء المسلمين في الجغرافية
الهَمداني (ت 334 هـ / 945م):
الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ يعقوبَ بن الحائك الهَمدانيُّ، من بني هَمدان، أبو محمَّدٍ: مؤرِّخ، عالِمٌ بالأنساب، عارف بالفَلَك والفلسفة والأدب، من أهلِ اليمن، يقول عنه القفطيُّ: "إنَّ هذا الرجلَ أفضلُ مَن ظهر ببلاد اليمن".
تلقَّى أكثرَ معارفه عن رواةٍ وعلماءَ وأناسٍ من أهل قُطْرِه، وما عدا ذلك فهو يشير إليه، وكان يتلقَّى معلوماتِه عَمَّن يتوسَّم فيه المعرفةَ من أهلها، أكثَرَ النقلَ عن بطليموس، بل لخَّص كتابَه في مقدمة "صفة جزيرة العرب".
له عددٌ من الكتب، أهمُّها كتاب "صفة جزيرة العرب"، تناول فيه نظريةَ الفصولِ، وقال رأيًا مخالفًا لبطليموس عن لونِ جِلد سكان المناطق الاستوائية.
اعتمد الهَمدانيُّ في تقريراته وأوصافه الجغرافية على ملاحظاتِه الشخصية وآرائه المستقلَّة، مع اعتبار آراءِ السابقين، ونقدِها بموضوعية.
والكتاب كتابٌ جغرافي وصفيٌّ يتضمن دراسةً موضوعية عن خصائص الأرض ومظاهرِ الطبيعة، وعن الناس وفُرَص الحياة في الحضَر وفي البادية.
يتضمَّن الكتابُ - كذلك - دراسةً عن موارد الثورة الحيوانية والمعدِنية، وتتجلَّى في الكتاب رحلاتُ المؤلِّف الميدانية في أنحاء الجزيرة لإعداده، كما يجسِّد الكتابُ مدى حسن استخدام البيانات التي صوَّرت الواقع الجغرافيَّ تصويرًا مقبولاً في ذلك الوقت المبكر.
وللهَمداني كتاباتٌ جغرافية في كتبه الأخرى كالإكليل، الذي يقول عنه القفطي: "وهو كتابٌ عظيمُ الفائدة، يشتمل على عشَرة فنون، وفي أثناء هذا الكتاب جُمَلٌ حِسانٌ من حساب القراناتِ وأوقاتها، ونُبَذٌ من علم الطبيعة وأصول أحكام النجوم، وآراء الأوائل في قِدَمِ العالَم وحدوثه واختلافهم في أدواره، وتناسُل الناس ومقادير أعمارهم، وغير ذلك".
وله كتاب "سرائر الحكمة" يُعرِّف فيه بجُمَل علم هيئةِ الأفلاك، ومقادير حركات الكواكب، ويبيِّنُ علم أحكام النجوم واستفتاء ضروبه.
وله كتاب "الجوهرتين العتيقتين" في الكيمياء والفيزياء، وهو من أجود مؤلَّفات الهَمداني وأنفعِها، ويُعتبر فردًا في موضوعه الذي يتعلَّق بالذَّهب والفضة من حيث تعدينُهما، وكل ما يتَّصلُ بها، وقد تُرجم إلى الألمانية.
هذا، وقد ارتفع للهَمداني صِيتٌ عظيم؛ فقد صحِب أهلَ زمانه من العلماء وراسلهم وكاتبهم، وكان يختلف بين صنعاء وبغداد.
استطاع الهَمداني أن يمتحَ من كلِّ علمٍ من علوم عصره بالدِّلاء والملاء، رغم أنه عاش في بقعةٍ توشك أن تكونَ في ذلك العهدِ منعزلةً عن العالَمِ.
ابن ماجد (ت بعد 904هـ / 1498م):
شهابُ الدِّين أحمد بن ماجد بن محمَّد السَّعدي، النجدي، من أهل نجد، المعلم، الملقَّب بأسدِ البحر، ابن أبي الركائب، وقد يُقال له: "السائح ماجد".
من كبار ربابنةِ العرب في البحر الأحمر، وخليج البربر، والمحيط الهنديِّ، وخليج بنجالية، وبحر الصين، ومن علماءِ فنِّ المِلاحة، وتاريخه عند العرب.
وقد كان ابنُ ماجد الرُبَّانَ الذي سيَّر الأسطولَ البرتغالي بقيادة فاسكودي غاما "Vasco de gama" في رحلته من مالندي "Melinde" على ساحل إفريقيةَ الشرقية شمال مدغشقر إلى "كلكتا" في الهند، وذلك في أوائل شهر ذي القعدة من عام 904هـ الموافق 15 آذار 1498م، فهو أحرى بلقبِ مكتشِفِ طريق الهند.
تقول المراجعُ البرتغالية: إن ابنَ ماجد كان يعتمد على خريطةٍ بحرية دقيقة، وعلى كثيرٍ من عُدَدِ البحر والملاحة، ويقول عنه برتن "Burton" (ت 1308هـ / 1890م): "ربما كان ابنُ ماجد هذا هو الذي ذاع اسمُه في القرن الماضي على طول الساحل الإفريقي، بوصفِه مخترعَ البوصلة".
ويستشهد برتن بما كان يفعلُه بَحَّارة عَدَن على مرأى منه سنة 1271هـ / 1854م؛ إذ كانوا إذا أرادوا السفرَ قرؤوا الفاتحةَ للشيخ ماجد "مخترع الإبرة المغناطيسية".
ولد ابنُ ماجد بنَجْد، وصَنَّف "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، وهو في قسمين: نظري، ويتناول نشأةَ المِلاحة والأمورَ التي يجب على الرُّبَّانِ معرفتُها، ومنازل القمر والجهات التي تهبُّ منها الريحُ، وصلة هذه الجهات بالبوصلة وتقسيماتها وبطلوعِ عددٍ من الكواكب والنجوم وبمغيبِها.
أما القسم الآخر، فعمليٌّ، ويتناول وصفَ الشواطئِ والجُزُر، وما عليها من العلامات التي تساعد الربابنة على الاهتداء في المِلاحة، والاقتراب بالسُّفنِ من مراسيها.
ولابن ماجدٍ أرجوزةٌ سماها "حاوية الاختصار في أصولِ علم البحار" و"الأُرجوانية السبعية"، والقصيدة المسماة بـ"الهدية"، و"أرجوزة بَرِّ العرب في خليج فارس" في دار الكتب، و"المراسي على ساحل الهند الغربية" ورسائل أخرى.
رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/Culture/0/44865/#ixzz2MDke4rAO